عشق الهوى بقلم نونا المصري
المحتويات
اتاها اتصال منه فاجابت بسرعة ايوا يا فندم
قال تعالي هنا فورا
سلمى ح حاضر
قالت ذلك ثم اغلقت الهاتف ونهضت من مكانها واقتربت من باب مكتبه الذي كان يقع بجانب مكتبها الصغير ثم اخذت نفسا عميقا وبعدها طرقت الباب فسمح لها بالدخول دخلت وقد كان تخمينها صحيح لان ادهم قد حطم حاسوبه المحمول بالفعل ولكنه حطم اشياء اخرى اضافية هذه المرة منها المرآة الكبيرة التي كانت في مكتبه ولوحة اسمه الزجاجية التي كانت على طاولة المكتب اما هو فنهض من مكانه وقال لها بنبرة أمر انا هطلع دلوقتي بس لما ارجع عايز كل حاجة اتكسرت ترجع زي ما كانت
ثم خرج ادهم من مكتبه وهو يعدل ياقة قميصه وكان الانزعاج ظاهرا عليه بالرغم من برودة اعصابه توجه نحو المصعد وضغط على زر الطابق الأول من الشركة حيث كانت الردهة الواسعة فهو كان يريد الخروج لكي يستنشق بعض الهواء النقي عله ينسى رائحة عطر مريم التي علقت في انفه واسكرته
اما في قسم برمجة التطبيقات والهندسة الإلكترونية فعادت مريم بوجه شاحب محبط ثم توجهت نحو مكتبها الصغير وجلست على كرسيها دون ان تقول اي شيء أقتربت منها زميلتها ياسمين والتي كانت تكبرها بسنتين وقالت طمنيني يا مريم ايه اللي حصل لما رحتي تتكلمي مع ادهم بيه
ياسمين يعني مش هتشتركي معانا
مريم لا ادهم بيه استبعدني بعد الكلام اللي قلته في قاعة الاجتماعات
فسألتها ياسمين معاتبة طب انتي قلتي كدا ليه يعني كان ضروري تقولي الكلام دا
فتنهدت ياسمين ثم ربتت على كتفها قائلة طيب خلاص متزعليش نفسك يا حبيبتي وان شاء الله كل حاجة هتبقى تمام
تسارع في الاحداث
مر اسبوعين على مريم وهي تعمل في مراجعة البيانات بينما كان زملائها المتدربين يصممون مواقعهم التجارية وكانوا متحمسين جدا للمسابقة التي لم يتبقى على انتهائها سوى اسبوع واحد وخلال هذان الاسبوعين جمعتها الصدفة مع ادهم عدة مرات وفي اماكن مختلفة من الشركة ولكن اهم الاماكن كان المصعد حيث كانت تشعر بالرهبة كلما تواجدت معه هناك واحيانا كانت تفضل استعمال سلالم الطوارئ لكي تتفادى مقابلته ولكن الأمر
وكلما كانت تقابله هناك كانت تحني رأسها وتقف في الزاوية دون ان تقول اي شيء بينما كان هو يدعي عدم الاهتمام لوجودها ولكن العكس صحيح لان رائحة عطرها كانت تفقده عقله واصبحت كالأدمان بالنسبة له خصوصا عندما يتواجد معها في المصعد حيث ان المكان مغلق مما جعله يصبح عصبيا جدا وكان يعود الى المنزل والانزعاج جليا على وجهه لانه ادرك بأن هنالك شيء في هذه الفتاة يجذبه اليها غير رائحة عطرها ولاحظ افراد عائلته تغيره وانزعاجه لهذا كانوا يتفادونه خشية من غضبه المدمر
كانت مريم تريد مغادرة الشركة بعد ان انتهى دوامها حيث انها كانت تغادر قبل زملائها لان عملها كان مختلفا عن عملهم الذي يتطلب الكثير من الوقت فتوجهت نحو المصعد في تمام الساعة الخامسة مساء وكانت تدعو الله في سرها بأن لا تقابل ادهم هناك ضغطت
الزر ووقفت تنتظر نزول
المصعد وما ان نزل وفتح الباب حتى خاب املها لانه كان فيه بالفعل وكان يعبث بهاتفه بكل هدوء فابتلعت ريقها ثم دلفت الى الداخل بصمت وارادت ان تضغط زر الطابق الأول ولكنه كان مضغوط بالفعل سحبت يدها ثم اعادت خصلة من شعرها ووضعتها خلف اذنها بتوتر شديد اما هو فبدأت نبضات قلبه ترقص وتتضارب بداخله حيث ان كل حركة
وما زاد الطين بلة هو تعطل المصعد في تلك الاثناء فعلقا بداخله ما بين الطابق الرابع والطابق الثالث وفي تلك اللحظة سيطر الخۏف على مريم التي سألت بهلع في ايه
فنظر ادهم الى سطح المصعد وقال الظاهر ان الاصنصير وقف واحنا علقنا هنا
مريم ايه !
ضغط ادهم على زر الطوارق ثم اخرج هاتفه من جيب سترته واراد ان يتصل بأحدهم ولكن لسوء الحظ لم يكن هنالك تغطية لذا رمى الهاتف على الارض بقوة مما جعل الفتاة ترتعد خوفا عندما فعل ذلك وقال بانزعاج ودا وقتك انت كمان !
قال ذلك ثم اعاد شعره الى الخلف ووضع يديه على خاصرته اما هي فاخرجت هاتفها من حقيبتها ولكن النتيجة كانت نفسها لا توجد تغطية فاقتربت من لوحة المفاتيح الخاصة بالمصعد وبدأت بالضغط على زر الطوارئ مرارا وتكرارا وهي تقول بصوت عال في حد هنا ساعدوناااا احنا علقنا !
ثم بدأت على باب المصعد لكي يسمعها احدهم وهي تكرر ما قالته ولكن لا حياة لمن تنادي فبدأت تبكي اما ادهم فلم يكن يتوقع ان شيئا كهذا قد يحدث وخصوصا في شركته المتطورة وما ازعجه اكثر هو تواجده مع هذه الباكية التي سلبته عقله برائحة عطرها حيث كان يثمل لمجرد التواجد معها لدقائق قليلة في المصعد فكيف سيتحمل فكرة انه عالقا معها وفي نفس المكان وقد يستغرقان وقتا حتى يخرجان
وبعد ان فكر بذلك ضړب جدار المصعد بيده وبكل قوته قائلا اشتغل بقى !
ولكن بفعلته تلك تسبب في انقطاع التيار الكهربائي فاصبح المكان مظلما مما جعل الړعب يتسلل الى قلب مريم التي صړخت بأعلى صوتها وتعالى صوت بكائها الامر الذي زاد من توتر ادهم لذا اخرج هاتفه الاحتياطي لينير المكان ثم نظر إليها وقال اسكتي شويه مفيش داعي للخوف
ولكنها لم تمتثل لطلبه واستمرت بالبكاء كما لو انها طفلة فصړخ بها بصوت اشبه ب زئير الأسد اكتمي بقى !!
سكتت رغما عنها واخذت تشهق پخوف اما هو فاخذ تنفسه يتسارع اكثر فأكثر وبدأ صدره يعلو ويهبط من شدة التوتر واصبح كالمخمور تماما بسبب رائحة الفانيليا المنبعثة منها في ارجاء المكان وبالرغم من ذلك استطاع ان يسيطر على هدوء اعصابه والټفت نحوها ليجدها جالسة في الزاوية تضم قدميها وتبكي بصمت من شدة الخۏف اقترب منها ثم انحنى قليلا وسلط ضوء الهاتف عليها قائلا بصوت رزين اسمعي اللي هقولك عليه كويس لو عايزه تخرجي من هنا يبقى تنفذي اللي هطلبه منك تمام
رفعت رأسها ونظرت اليه بعيونها الباكية وبالرغم من الظلام الا انه استطاع ان يرى قسمات وجهها فقالت بتلعثم ا ارجوك طلعني من هنا
قال بجدية هطلعك بس بطلي ټعيطي الاول لان العياط مش هيجيب نتيجة غير انك هتوجعيلي دماغي
فمسحت مريم دموعها بينما اضاف هو قائلا ودلوقتي امسكي الموبايل ودوريه ناحية باب الأصنصير وانا هاحاول افتحه تمام
أومأت له برأسها ثم نهضت وامسكت هاتفه وفعلت ما طلبه منها فخلع سترته ورماها ارضا ثم رفع اكمام قميصه وبدأ في محاولة فتح باب المصعد ولكن دون جدوى لذا صب جام غضبه عليه واخذ
بقدمة بكل ما يمتلك من قوة زارعا الفزع في نفس مريم التي نزلت دموعها مجددا فهي فكرت بلحظة خوف أنها ستعلق في ذلك المصعد إلى الابد ولن تتمكن من رؤية شقيقتها الصغرى بعد اليوم
لذا جلست في الزاوية وهي لا تملك لا حول ولا قوة كما ان ادهم استسلم للأمر الواقع ثم جلس ايضا بالزاوية الاخرى ساندا ظهره على جدار المصعد وامسك سترته ثم اخرج علبة سجائره الفاخرة واشعل سېجارة متجاهلا التنبيه الموجود في المصعد والذي ينص على عدم الټدخين فشع ضوء سيجارته في الظلام الممزوج بضوء الهاتف واخذ ينفخ الدخان من فمه وكان يبدو متوترا للغاية اما هي فتحسست من
رائحة الدخان وبدأت تسعل لذا قالت بصوت مرتجف ارجوك
ينفع تطفي السېجارة انا عندي حساسية من الدخان ومقدرش اشم ريحته ابدا
تجاهل ما قالته واخذ نفسا عميقا من سيجارته ثم نفث الدخان وقال بصوت هادئ مش عايز اسمعلك نفس لغاية ما نخرج
من الورطة السودة دي انتي سامعة
التزمت الصمت بعد قوله ذاك وحاولت منع نفسها عن السعال ولكنها لم تستطيع في الواقع لقد اشعل السېجارة حتى تخفف رائحة الدخان من تأثير رائحة عطرها التي ادمنها بالفعل كما انه اشعلها لكي تساعده على التخفيف من شدة توتره فجلسا بصمت لمدة خمس دقائق وفجأة عاد النور مجددا فنظرا الاثنان الى السطح ثم نهض هو اولا ورمى سيجارته على ارضية المصعد وداس عليها ليطفأها اما هي فنهضت ايضا وبدأت تضغط على زر الطوارئ قائلة بلهفة حد سامعني في ناس علقانيين هنا !
وما هي الا ثواني حتى تحرك المصعد مجددا فشعرت مريم بقلبها يهوي اما ادهم فانحنى والتقط سترته التي رماها على الارض ونفضها من الغبار ثم ارتداها مجددا والټفت نحو المرآة ليرتب شكله وعندما فتح باب المصعد في الطابق الثالث وجدوا امامهم فريق الصيانة الخاص بالشركة فتوتر الفريق عندما رأوه وسألهما احد الرجال انتوا كويسين يا فندم
خرج ادهم من المصعد قبل مريم كما لو انه بركان ثائر وصړخ بوجه الموظف قائلا انت وكل فريق الصيانه بتاعك مرفودين !
قال ذلك ثم توجه نحو مخرج الطوارئ استخدم السلالم لينزل الى الاسفل بنوبة عصبية اما مريم فتنفست الصعداء لان تلك الفترة المرعبة قد مرت على خير استخدمت السلالم ايضا لتنزل ولكنها نظرت إلى يدها ووجدت هاتف ادهم الاحتياطي كان ما يزال معها لذا ركضت لتلحق به وبالفعل استطاعت ان توقفه في ردهة الشركة بقولها ادهم بيه استنى من مفضلك
الټفت اليها وقد عاد الى بروده الممېت وبدون ان يقول اي شيء تقدمت نحوه وهي تلهث جراء ركضها على السلالم ثم قالت بصوت متقطع انت نسيت الموبايل بتاعك معايا يا فندم
قالت ذلك ثم مدت يدها لتعطيه هاتفه فتنهد ثم اشتلف الهاتف من يدها وبعدها غادر دون ان ينبس بحرف واحد وقفت تحدق به بغير تصديق ثم قالت ايه الراجل الغريب دا لسه من شوية كان متعصب وشبه البركان اللي هينفجر في اي لحظة ودلوقتي رجع جبل التلج مرة تانيه اما راجل عجيب
اما في سيارة ادهم فكان يقودها بسرعة وهو يركز على الطريق امامه ولكنه كان
يفكر بمريم وبالوقت القصير الذي قضاه معها في المصعد وكيف كانت خائڤة وكيف اخافها بصراخه عليها وكيف اثارته رائحة عطرها فضړب المقود بيده وصړخ قائلا الله يحرقك اطلعي من دماغي بقى !!
قال ذلك ثم نظر إلى هاتفه الذي كان على المقعد بجانبه فانزعج ثم امسك به ورماه من النافذة وبعدها مسح وجهه براحة يده ولكن رائحة عطر مريم التي كانت عالقة في الهاتف قد انتقلت الى يده لذا إنعطف بسيارته يمينا ثم اوقفها بجانب الطريق وقرب يده من انفه قائلا ازي انتقلت ريحة پارفان البنت دي على ايدي انا حتى مقربتش منها ولا لمست ايدها يبقى ازاي بقت ريحة ايدي زي ريحة الپارفان بتاعها
فاخذ يفكر قليلا ثم ادرك ان الهاتف هو السبب فتنهد بقوة واخرج من جيب السيارة زجاجة عطره الفاخرة والتي كانت من اشهر الماركات ثم رش قليلا منها على يده ليخفي اثر رائحة عطر مريم وبعدها اعادها الى مكانها في جيب السيارة ومن ثم شغل المحرك وهم بالمغادرة وما هي الا مدة زمنية معينة قد مرت حتى وصل الى منزل عائلته الذي كان اشبه بالقصر فتحت البوابة الرئيسية بطريقة إلكترونية ليدخل الى الكراج وبعدها ترجل من سيارته حتى دون ان يلقي التحية على ذلك الرجل البدين الذي قال له اهلا يا ابني
فدخل بنوبة غضبه الى المنزل اما الرجل فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يهدي سرك يا ادهم يبني
كان ذلك الرجل هو نفسه العم محمود الذي عمل مع زوجته امينه في منزل عائلة السيوفي لمدة ثلاثين سنه حتى ان اولاده سمير ووفاء قد كبروا في
ذلك المنزل وفي الداخل دلف ادهم بعصبية وصعد الى غرفته دون ان يتحدث مع اي
احد من افراد اسرته اللذين كانوا جالسين في غرفة المعيشة يشربون الشاي فقالت امه السيدة كوثر وبعدين مع الحالة دي الولد دا زودها اوي !
اما اخته رغد فقالت نفسي اعرف ايه هو السبب اللي بيخليه يرجع البيت متعصب كدا كل يوم
اجابتها سلوى زوجة معاذ جايز عنده مشاكل في الشغل يا رغد
فقال معاذ وهو الشغل يبقى فيه مشاكل كل يوم اكيد في سبب تاني واحنا لازم نعرفه
في غرفة
ادهم
دخل الغرفة ثم اغلق الباب ورمى سترته على الاريكة وبعدها رمى نفسه على السرير مغمضا عيناه بشدة محاولا ان يجمع شتات نفسه ولكن ليس لوقتا طويل فبينما كان على تلك الحال سمع احدهم يطرق باب غرفته فقال بصوت منزعج مش عايز اشوف حد دلوقتي
أتاه صوت شقيقه الاصغر سنا معاذ حيث قال من خلف الباب ادهم افتح الباب في حاجة مهمة حصلت وانت لازم
تعرفها
فتح ادهم عيناه ثم نهض عن سريره وتوجه نحو الباب ثم فتحه بقوه قائلا عايز ايه يا معاذ انا معنديش مزاج اكلم اي حد دلوقتي علشان كدا سيبني في حالي
فتنهد معاذ ونظر اليه قائلا مش انا اللي عايز يا ادهم دا كمال
قال ذلك واشار إلى الهاتف بيده ثم اضاف هو عايز يكلمك بس انت مبتردش على الموبيال بتاعك علشان كدا اتصل بيا وقال ان في مشكلة حصلت معاه في اميركا
في تلك اللحظة تذكر ادهم ان كمال سافر إلى اميركا منذ اسبوع لكي يشرف على بعض الاعمال في فرعهم الذي هناك وقد اعتمد عليه بفعل ذلك فقال بتذمر اهو كدا كملت
ثم اخذ هاتف شقيقه واجاب قائلا ايوا يا كمال
فقال كمال انت فين يا ادهم بقالي ساعة بتصل عليك بس موبايلك خارج الخدمة وكمان الموبايل
متابعة القراءة