رواية مشوقة بقلم سارة علي

موقع أيام نيوز


في المشفى لتجد زياد ينتظرها خارج الغرفة منحته ابتسامة عذبة وهي تقول 
خلصت 
أخذ زياد الحقيبة متوسطة الحجم منها وقال بجدية 
يلا بينا 
سارت زينة خلفه وهي تحاول أن تتماسك أمامه وألا تظهر أيا من حزنها له على الأقل اليوم 
خرجت الاثنان من المشفى متجهين الى الكراج حيث توجد سيارة زياد 

ركبا سويا السيارة ليلتفت زياد نحوها ويسألها بهدوء 
جاهزة نروح المأذون ونكتب الكتاب !
أومأت
برأسها وهي تتنفس بعمق قبل أن تجيبه 
جاهزة 
شغل زياد سيارته وأدار مقود السيارة متجها الى أقرب مأذون وأجرى في الطريق اتصالا بمنتصر وصديق أخر يطلب منهما أن يلحقاه الى مكتب المأذون كي يشهدا على عقد القران 
وصلا الى مكتب المأذون بعد ربع ساعة ليجدا منتصر وصديقه في انتظارهما تم عقد القران وانتهى المأذون من إجرائاته وبارك كلا من منتصر وصديقه لهما قبل أن يخرجا من المكان تاركين زياد وزينة لوحديهما 
خرج زياد وزينة التي كانت تحمل عقد الزواج معها من عند المأذون ليقف زياد بجانبها ويقول لها بنبرة عميقة 
مبروك 
نظرت إليه بإمتنان وقالت بإبتسامة خلابة 
الله يبارك فيك 
أشار زياد الى السيارة قائلا 
يلا نروح عشان أوزبكي شقتنا 
سألته زينة بعدم تصديق 
شقتنا ازاي يعني !
أجابها زياد بجدية 
انا اشتريت شقة عشان نعيش فيها اكيد مش هنفضل قاعدين بالفندق 
معاك حق 
قالتها زينة مثنية على ما فعله وسارت خلفه نحو السيارة ليتجه بها زياد الى الشقة التي تقع في إحدى المناطق الراقية الشهيرة في البلاد 
ورغما عنها أخذت زينة تفكر في حالها وما آل إليه وما هو قادم 
دلفت زينة الى الشقة بعد أن فتح زياد الباب لها تقدمت الى الداخل بخطوات خجول منذهلة من مدى رقي الشقة وتصميمها الدافئ 
عجبتك !
أفاقت زينة من شرودها على صوته لتستدير نحوه وتهتف بإعجاب 
اووي بجد جميلة اوووي 
ضحك وقال 
اخترتها شبهك 
عقدت حاجبيها متسائلة بحيرة 
ازاي ! 
أجابها موضحا 
دافية زيك 
احمرت وجنتاها خجلا من إطراءه عليها ثم تحركت داخل أرجاء الشقة تنظر الى غرفها ومطبخها 
انتهت زينة من تفحص الشقة لتجد زياد 
يقترب منها ويسألها 
هتعملي ايه دلوقتي !
أجابته بجدية 
هنام 
أشار زياد الى أحد الغرف قائلا 
دي إوضتك واللي جمبها أوضتي 
بهتت ملامح زينة وهي تستمع الى ما قاله لم تتوقع منه أن يبيت في غرفة منفصلة عنها 
لكنها شعرت بالإمتنان نحوه فهو على الأقل يراعي وضعها 
دخلت زينة الى غرفتها وألقت بجسدها على السرير قبل أن تغط في نوم عميق دون أن تغير ملابسها 
استيقظت بعد عدة ساعات لتجد الظلام حل على المكان سارعت لفتح ضوء الغرفة قبل أن تفتح الباب وتخرج مسرعة من الغرفة متجهة الى الخارج لتجد زياد جالسا في صالة الجلوس ينظر أمامه بشرود 
اقتربت منه فشعر بوجودها لينظر إليها ويهمس 
صحيتي امتى !
أجابته بإرتباك 
من شوية 
اتجهت نحوه وجلست بجانبه بصمت 
نظر إليها زياد وسألها مستفهما 
شكلك بيقول إنك مدايقة حصل حاجة !
زفرت نفسا عميقا وقالت بجدية 
لما صحيت الدنيا كانت ظلمة وأنا بخاف من الظلمة 
ثم أكملت وهي تنظر نحوه بشحوب 
مكنتش بخاف منها قبل كده بس بعد اللي حصل بقيت بټرعب منها  
تطلع إليها زياد بصمت بينما أشاحت وجهها بعيدا عنه وقد عادت الذكريات السيئة إليها من جديد ذكريات لا تنفك أن تتركها ولو قليلا 
حل الصباح مجددا بعد ليلة طويلة قضاها كلا من زياد وزينة مستيقظين فلم يستطع النوم أن يغلب ذكرياتهما السيئة 
خرج زياد من غرفته بعدما انتهى من ارتداء ملابسه وتصفيف شعره ليتفاجئ بزينة في المطبخ ترتدي بيجامة زهرية اللون وتجهز طعام الإفطار 
ألقى زياد تحية الصباح عليها 
صباح الخير 
صباح النور 
قالتها زينة وهي تطفئ الطباخ قبل أن تكمل 
الفطار جاهز 
اتجه زياد ببصره نحو طاولة الطعام المزينة بأشهى أنواع الطعام بينما سألته زينة 
مش هتفطر !
هفطر اكيد 
قالها زياد وهو يجلس على طاولة الطعام ويشرع في تناول طعامه إلا أن رنين جرس الباب أوقفه عن تناوله الطعام 
اتجه زياد نحو باب الشقة وفتحها متعجبا من الزائر الذي يأتي في وقت مبكر كهذا 
فوجئ برنا ټقتحم الشقة وهي تهتف بصوت عالي 
هي فين !
جذبها زياد من ذراعها هاتفا بها 
انتي بتعملي ايه !
أجابته وهي تضحك بسخرية 
جاية أبارك للعروسة 
ثم أكملت وهي تصيح بصوت عالي 
يا عروسة 
انتي فين !
خرجت زينة إليها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة وترتدي غلالة نوم قصيرة فوقها روب من الستان الأبيض 
اهلا يا رنا  
توجهت رنا نحوها وقالت بتهكم 
ولابسة قميص نوم كمان وبتحتفلي 
وقف زياد حائلا بينهما وقال بحزم 
مش وقت الكلام ده يا رنا روحي حالا 
عقدت رنا ذراعيها أمام صدرها وقالت بعناد 
مش هروح انا جايز أبارك للعروسة وأديها هديتها 
أبعدت زينة زياد من أمامها واقتربت من رنا تقول 
ميرسي يا رنا ربنا يخليكي 
مش عايزة تعرفي إيه هديتك يا عروسة !
نظرت إليها زينة بصمت بينما قالت رنا بجدية وهي تخرج ورقة بيضاء من حقيبتها وترميها عليها 
دي نسخة من شهادة ۏفاة عالي قلت تخليها عندك للذكرى 
الفصلين السابع والثامن عشر 
كان عليها أن تتماسك في هذه اللحظة أن تخبئ ذلك الألم الذي ينخر قلبها وتجاهد كي تظهر لا مبالاتها لن تكسرها رنا ولن تحقق غايتها في النيل منها وتحطيمها أماميهما 
هي ليست زينة القديمة كي ټنهار أماميهما وتبدأ في البكاء والعويل هي الأن إنسانة أخرى تعرف كيف تسيطر على مشاعرها وتحركها وفقا لرغباتها 
انتي ايه اللي بتعمليه ده !
قالها زياد قاطعا هذا الصمت الطويل مزمجرا بها بضيق لترد رنا وهي تهز كتفيها بلا مبالاة 
جايه أبارك للعروسة وأفكرها بجوزها الأولاني اللي قټلته 
كاد زياد أن يتحدث إلا أنه فوجئ بزينة تسبقه وتهتف ببرود أعصاب غريب وهي تأخذ شهادة الۏفاة من يد رنا 
ميرسي عالهدية يا رنا ميرسي اوري 
ثم أكملت وهي ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها 
تحبي تشربي ايه !
رمقتها رنا بنظرات مشټعلة ثم حملت نفسها وخرجت من الشقة ليلتفت زياد نحو زينة ناظرا الى قناع الجمود الذي ترتديه أمامه بحيرة 
تحركت زينة مسرعة الى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها پعنف لا إرادي أخذت تتطلع الى شهادة الۏفاة بعينين حزينتين قبل أن ټنفجر في البكاء بصوت منخفض وهي تجاهد كي تخفي شهقاتها حتى لا يسمعها زياد 
استمرت في بكائها لفترة طويلة تبكي حظها العاثر وروحها الممزقة وقلبها المتعذب كان بكائها نابع من أعماقها اخر ما تصورته يوما أن تكون هذه نتيجة فعلتها البريئة والعفوية نتيجة كذبها على علي كلا هي لم تظن أن كل هذا سيحدث وأن علي سيموت قهرا بسببها لكن القدر كان له رأيا أخرا 
جلست على سريرها وهي تخبئ شهقاتها بينما تتأمل بعينيها اسم علي وتاريخ ۏفاته قبل أن ټنهار باكية مرة أخرى 
دلفت رنا الى منزلها وهي في قمة ڠضبها وقبل أن ترتقي السلم متجهة الى الطابق العلوي حيث غرفتها وجدت والدتها تنادي عليها فتوقفت في مكانها واستدارت نحو والدتها التي سألتها بينما تلاحظ وجه ابنتها الغاضب وعينيها الناريتين 
فيه ايه يا رنا ! مالك جاية متعصبة من بره ايه ! حصل حاجة دايقتك !
زياد 
قالتها رنا يخفون لتسألها والدتها بقلق 
ماله زياد ! اتكلمي جراله حاجة !
تمتمت رنا بنفس الخفوت 
زياد اتجوز زينة يا ماما 
صړخت الأم بلا وعي 
ايه ! انتي بتقولي ايه !
أومأت رنا برأسها بينما أكملت الأم بعدم تصديق 
ازاي يعني إتحوزها ده اكيد اټجنن 
ثم قالت وهي تنظر الى رنا 
وانتي عرفتي منين الكلام ده !
أجابتها رنا بجمود 
من منتصر رحت الشركة وشفته هناك وحكالي اللي حصل تخيلي منتصر كان شاهد على عقد جوازهم !٠
كانت رنا تتحدث پصدمة شديدة فكيف يفعل منتصر شيء كهذا بالرغم من تركهما لبعض 
قالت الأم غير مستوعبة بعد لما سمعته 
انا مش مصدقة اللي بسمعه ازاي كلهم بقوا معاها ! هو مين اللي غلط !
في نفس اللحظة دلف الأب الى الداخل ليسألهما بقلق من منظرهما المضطرب 
مالكم واقفين كده ليه !
أجابته رنا بتوتر 
مفيش يا بابا بنتكلم شوية 
لا فيه ابنك اتجوز عارف اتجوز مين اتجوز زينة 
جحظت عينا الأب غير مصدقا لما يسمعه هل
فعلها إبنه وتزوج بتلك الفتاة ! كان شبه موقنا من أن ابنه عاشق لها ولكن لم يتصور أن يتجرأ ويتزوجها 
رمق زوجته وابنته بنظرات مستاءة وهتف بجمود 
كل اللي حصل بسببكم وبسبب عمايلكم ياما قاتلكم بلاش تؤذوها وأدي النتيحة اشربوا بقى 
اتجه الأب بخطوات مرهقة نحو غرفته بينما اڼهارت الأم بكاءا حزينا 
خرجت زينة من غرفتها لتجد زياد يجلس على الكنبة بصمت اقتربت منه وهتفت بهدوء 
انت ليه مرحتش الشركة !
نهض من مكانه ووقف أمامها هاتفا بقوة 
ومش هروح 
ليه !
سألته بتعجب ليرد بجدية 
مش حابب أسيبك لوحدك النهاردة 
ابتسمت وقالت بحنو 
متقلقش عليا انا بخير 
أطلق تنهيدة صغيرة وقال 
عارف بس بردوا هفضل معاكي النهاردة 
ثم قال وهو يضع خصلة من شعرها خلف أذنها 
ايه رأيك نخرج نتغده برا !
مفيش مانع 
قالتها زينة بإبتسامة ليهتف زياد بجدية 
طب خشي غيري هدومك عشان نخرج 
اتجهت زينة مسرعة الى غرفتها لتغير ملابسها بينما جلس زياد على الكنبة مرة اخرى يقلب في هاتفه حينما جاءه اتصالا من والده 
أجاب زياد عليه ليأتيه صوت والده الغاضب 
كده يا زياد تتجوز من ورانا هي حصلت 
تنهد زياد وقال بعمق 
مكانش قدامي حل تاني انا لازم أحميها وأفضل جمبها 
تحميها ! ليه متقولش إنك بتحبها ومش عايز تخسرها !
قالها الأب ساخرا ليقول زياد بنبرة جادة 
ايوه يحبها ومش عايز أخسرها  
زفر الأب نفسا غاضبا وقال پألم
ليه يا زياد ! ليه يابني ! مش كفاية عليا اخوك اللي خسرته ليه عايزني أخسرك كمان 
رد زياد 
عمرك مهتخسرني يا بابا خليك واثق فيا 
طب ازاي اتجوزتها ! دي كانت مرات أخوك 
أغمض زياد عينيه وقال بنفاذ صبر رغم الألم الذي سيطر عليه من ذكر هذا الموضوع 
انا مش اول ولا أخر واحد يعمل كده 
تمام يا زياد زي ما تحب بس اتمنى إنك متندمش 
قالها الأب أخيرا منهيا الحوار قبل أن يغلق الهاتف بينما خرجت زينة في نفس اللحظة من الغرفة وقالت 
خلصت 
يلا بينا 
قالها زياد وهو يسير أمامها خارج الشقة 
دلفا كلا من زياد وزينة الى الى داخل المطعم اتجها نحو احدى الطاولات وجلسا عليها  
تقدم النادل منهما ووضع قائمتي الطعام أماميهما بينما بدأ كلا من زياد وزينة في قراءة ما بها 
حدد كلا منهما ما
 

تم نسخ الرابط