أغلال الروح بقلم شيماء الجندي

موقع أيام نيوز


!
كما
توقعت ظهر الأسى داخل عينيه لكنه حاول الاحتفاظ بثبات ملامحه متجنبا نقل شعور غضبه من الوضع المحيط بهم و كأنه يسرقها بضعة ساعات أو تزوجها سرا و بدأ شعور سخطه على عائلته يتكون داخله ساخرا من حاله أنه منذ شهور جلبها إليهم رغبة في سعادتهم و إنهاء مأساة عمه والآن لا أحد يحاول لأجله أو يثق به و برغبته !

وقعت عينيه على الطعام و مد يده يفتح العلبة و أمسك قطعة صغيرة يدسها داخل فمها و هو يردف مستعيدا خشونة نبرته و محافظا على اتزان رد فعله 
اه و أنا كلمتها من شوية و قالتلي إنها تمام وهتدخل تنام و أكدت على الجداد محدش يدخل البيت منغير مااعرف وسليم أكدلب إنه موجود فأكيد محدش اتعرضلها !
مضغت الطعام و هي تنصت إليه مبتسمة بشرود و ممتنعة عن التعليق و إبداء إعجابها بتحمله مسؤولية شقيقتها لكنها لم تمنع حالها من النظر إليه وتأمله بصمت ليسألها بدهشة مقربا الطعام من شفتيها 
مالك ساكتة ليه 
أطلقت أنفاسها بإنهاك و عادت إلى الخلف بجزعها العلوي تستند بيديها فوق المنضدة التي اجلسها فوقها منذ قليل وكادت ترد على سؤاله لكنها عقدت حاجبيها و أردفت فجأة بتذكر 
هو أنت مش كنت هتقعد مع عمك عاصم إزاي محدش منكم معاه دلوقت 
ضيق عينيه و سألها مباشرة دون مقدمات 
وأنت عرفتي منين إنه رجع 
لوهلة شعرت بالتوتر لكنها هزت كتفيها بلامبالاة و أردفت بهدوء 
يوسف كان بيقول لسليم قدامي ! و بصراحة أنا كنت هكلمك في الموضوع دا بس بعدها قولت استني اشوف هتعمل ايه و من كلامك كدا أنت مش حاطط أي خطط لوجودي أنا ونيرة بعد رجوعه !
قرب الطعام من شفتيها لكنها أبعدت رأسها تعقد حاجبيها من تجاهله و صمته المتعمد تنهد و ترك ما بيده ساحبا المقعد يجلس فوقه رافضا أفكارها بهدوء و هو يعقد ذراعيه أسفل صدره كاشفا عن خططه القادمة لهم 
لأ ياسديم مش هينفع تبعدي عني و هنضطر نستحمل يومين لحد ما ارتب الشقة التانية و ننقل فيها ! أنا
كنت مستني ناخد خطوة في علاقتنا وأعرف أنا بالنسبالك إيه و بعدها اعمل كدا !
عقدت حاجبيها و سألته باستنكار واضح 
وعيلتك !! هتبعد عنهم !!!
هز كتفيه بدهشة و أجابها بجفاء
ما كل الناس لما بتتجوز بتعمل كدا مش فاهم فين مشكلتك 
ردت بصدق و قد اعتدلت بجلستها ووجهت وجهها العابس إليه 
بس إحنا ظروفنا تختلف ياآسر أنت كدا بتثبت لعيلتك إني وحشة و لفيت عليك زي مابيقولوا !!!
رفع حاجبه و تشدق پصدمة حقيقة من كلماتها هازا رأسه بعدم تصديق 
و أنا المفروض اقتنع إن سديم بيفرق معاها كلام حد 
اتسعت عينيها و أجابت بسخط و تجهم و هي تشير إليه 
الكلام دا كان ما ابقا مراتك لكن دلوقت أنا شايلة اسمك و سمعتي هتضرك خصوصا مع عيلتك !!
مراتك وشايلة اسمك في جملة واحدة ! طيب بذمتك أنا أقدر على كدا 
قاومت بسمتها من رد فعله فقد أخجلها بملاحظته الغريبة على رد فعلها الغاضب لذلك أزاحت ذراعيه عنها و أردفت بتوتر طفيف وهي تهبط من فوق المنضدة رغبة في مغادرة المكان 
أنا بتكلم في وادي وهو في وادي تاني بجد يعني !!!
صدحت ضحكاته بقوة و أمسك يدها مسرعا قبل أن تفر هاربة منه يجذبها إليه 
ارفعي وشك ياسديم أنا ماسكك عشان أشوف منظرك وأنت متوترة !!
ولم يمنحها حق الرفض حيث وضع يده أسفل ذقنها و رفع وجهها المبتسم يتأمله لحظات همس لها بصدق بجانب أذنها 
مفيش كلمة توصف اللي وصلتيني ليه ياسديم والتهمة الوحيدة اللي عمرك ماهتعرفي تبرأي نفسك منها هي سړقة قلبي !!!
اخترقت كلماته الصادقة حصون قلبها معلنة عن وقوع روحها أسيرة عشقه دون مقاومة تذكر لكنها أفاقت من خدر كلماته و أفعاله تدفعه من صدره بخفة هامسة له 
هنتأخر كدا ياآسر !
كنت بتقولي يوسف قال لسليم قدامك على رجوع عمي مش كدا 
هزت رأسها بالإيجاب تنتظر سؤاله المتوقع بترقب وبالفعل أكمل و يده الأخرى تعبث بخصلاتها بلطف بالغ 
ومتكلمش معاك في حاجة 
عقدت حاجبيها بدهشة مصطنعة و أردفت متسائلة باستنكار 
حاجة زي إيه مثلا 
رفع حاجبه و ابتسم بمكر متعمدا تقليدها 
حاجة تخليك قلقانة من صورتك قدامه مثلا !!
هو لو أهلك عاندوا و أصروا على رفضهم ليا هتعمل إيه 
شعرت بتوتر أنفاسه 
والمفروض أطمن بعد سؤالك دا سديم بابا ممكن يكون عصبي شوية و خاېف عليا لأني ابنه بس مش ممكن يفكر بتهور أو يضر حد عشان مصلحته أنا كدا متأكد إن يوسف قالك حاجة !!!
ابعد جسدها رغبة في النظر داخل عينيها وهي تتحدث إليه وبالفعل تابع ملامحها و هي تسأله مستنكرة 
هو أنا محتاجة كلام من يوسف عشان أفهم رفضهم ليا أنا مش عايزاك ټندم على اختيارك ليا ياآسر و مش عايزة أحس إني أنانية بالخطوة دي 
ضيق عينيه و سألها بدهشة وكل دا شوفتيه دلوقت أنا متأكد ياسديم إنك مش هتاخدي خطوة اعترافك من فراغ حصل إيه خلاك تاخدي القرار دا وتقلقي من عواقبه دلوقت 
أغمضت عينيها تدفع رأسها المزدحم بالأفكار إلى الخلف و قد عجزت إيقاف عقلها الذي ېصرخ بها أن تصارحه الآن بحقيقة والده مهما كانت بشاعتها و إلا اضطرت إلى إخراج خالها من السچن والعمل على حفظ السر إلى ماشاء الله !!! لكنها لا ترغب إيضا بتحطيم تلك
الثقة التي تحدث بها عن والده و يقينه أنه لن يتسبب لها أو لشقيقتها بأذى كيف تخبره أنه المتسبب و الشاهد الأول على حطام أخيه منذ أعوام و لم تأخذه الشفقة به يوما ما لقد شعرت الآن بفداحة تسرعها لأول مرة بالاعتراف لكنها الحړب و لن تتركه تائه داخلها أو تشاهد قلبه ېنزف دماء المحبة و تغادر إلى نعيمها !!!!
تنهدت بضيق شديد و اعتدلت بجلستها تنظر إلى الطعام ثم جذبت طبق التقديم ووضعت فوقه الأصناف قبل أن تعتدل مرة أخرى أسفل نظراته المصډومة و 
أنا مبحبش الأكل بارد يلا عشان نلحق نمشي بقا !!!
تنهد بهدوء حين أدرك محاولتها بالخروج من النقاش دون خسائر و قرر هو أيضا إنهاء اليوم بعيدا عن التوتر يكفيه ماحدث من إنجاز عظيم و تعرفه على وجه جديد مسالم و بسيط كانت تخفيه إلى يومها هذا خلف قناع القوة و الشراسة ألا يكفيها حروبها الداخلية ليشن عليها حربا خارجية تدفعها إلى الابتعاد عنه مرة أخرى !!
ابتسم لها و ابتلع ما دسته داخل فمه يقول كأنه تذكر للتو وما هي إلا محاولة لطمئنتها أن الأمور من جهته على مايرام !! 
صحيح مش اللي وصل اوردر الأكل قالي إن في واحد تحت فتح معاه تحقيق وطلع روحه لحد ماطلع ومن وصفه كدا اعتقد إن هو اللي سلمتي عليه و إحنا طالعين وفعلا و أنا بحاسبه اتخض لما سمع صوت بينادي من تحت !
كانت تستمع إليه عاقدة حاجبيها ومالبست أن اڼفجرت ضاحكة بقوة وهي تهز رأسها بيأس مردفة من بين ضحكاتها 
جدو نجيب !!!! كان نفسي اشوفه قبل ماامشي بس هو أكيد روح !
ثم واصلت ترفع الطبق أمام عينيه بس براڤوا عليك عرفت تطلع أطباق و تستخدم المطبخ لوحدك منغير ما أحس !
غمز لها بعبث ثم أردف بفخر زائف و هو يقترب من بينما هي تعود إلى الخلف وعينيها تتسع تدريجيا 
لأ دا أنا أعمل حاجات كتير منغير ماتحسي لو تحبي نقعد هنا نعدهم للصبح أنا أتمنى دا أوي !
هزت رأسها بالسلب مسرعة و استقامت واقفة تردف و هي تركض إلى الخارج 
لأ لأ صبح إيه أنا واثقة في كلامك منغير عدد ولا حاجة !!
وقف يتبعها ضاحكا وهو يقول بصوت مرتفع 
على فكرة الديموقراطية معاك بتبوظ مخططاتي بعد كدا هفاجئك بقاا !
استمع إلى ضحكاتها من إحدى الغرف بالداخل وقد عاد إلى الركن الخاص بالصور يسحب أحد الصور الخاصة بها ويضعها بجيب بنطاله و كاد يتحرك خلفها لكنه توقف محله متسمرا ينظر إلى الباب بترقب حين استمع إلى صوت إدارة المفتاح و بالفعل فتح باب المنزل و فور أن ظهرت المرأة المتشحة بالثوب الأسود و التي صړخت بهلع راكضة تجاهه تهدر بصوت مرتفع 
يلاااهوي إلحقني ياااا فارس إلحق ياولااااا !!!! يانااااس حرااااماااااي !!!
كانت تصرخ بجانب أذنه و تجذبه من ذراعه محاولة الوصول إلى كتفه و قد إنهالت بالصڤعات المتتالية على عدة أجزاء من جسده و هو يتراجع بذهول محاولا تجنب يدها عاجزا عن التصرف مع إمرأة مثلها وقد إنضم إليها المدعو فارس يعاونها بمحاولات فاشلة للسيطرة على جسده و هو يتقهقر إلى الخلف پصدمة و يحاول الحديث معهما لكن دون جدوى لقد ظنت أنه سارق وهو يقف بمنزل زوجته التي ظهرت أخيرا من الغرفة و مع ظهورها لم تكف السيدة
عن السب و محاولات النيل منه پعنف بل إزدادت شراستها حيث ظنت أنه يحتجز زوجته و صړخت به پغضب شديد 
ست سديممممم !!! دا أنت ليلتك سوداااا و رحمة أمي مانااا سيباااك مټخافيش ياااا ست سديم اخرجيييي آه يارااجل يا واااطي واقف ملط في قلب شقتها وحابسهااا !!!!
هرعت إليها سديم بأعين متسعة تجذبه من بين براثنها و تقف بمواجتها محاولة تهدئتها بينما كانت أم فارس تحاول الوصول إليه بهستريا و تقفز إلى الأعلى ضامة قبضتها تسدد له لكمات متفرقة و سديم تحاول الإمساك بها دون جدوى و قد بدأ الجيران يجتمعوا على أصوات استغاثتها الصادرة من داخل الشقة لتصرخ سديم بعد أن أدركت ما يحدث حولها 
لأ لا دا جوزي ياااأم فارس اهديييي بقااا !!!!
خمدت ثورتها أخيرا و نظرت حولها بتوتر ثم نظرت إلى آسر الذي كان يجز على أسنانه بقوة من فعلتها الهوجاء و الصڤعات التي نالها منها فوق صدره العاړي عاجزا عن إيقافها ليهبط بعينيه محدقا بالأثر الذي تركته يديها هي و ابنها الشاب الذي تراجع إلى الخلف يحدق به بتوتر بعد أن علم بهويته !!!!
تفرق الجيران مرة أخرى و وقفت أم فارس تمد كوب المياه إلى آسر الذي أنهى ارتداء قميصه للتو رافضا الإمساك به لتقول بعتاب 
طيب والله أنت على راسي من فوق أصلك متعرفش غلاوة الست سديم عندي أنا وفارس دا الواد فارس دا مشافش المدراس غير على ايديها طالعة لأبوها الله يرحمه و يحسن إليه !!!
نظر إلى سديم التي أمسكت ذراعه بلطف و أجابت نيابة عنه و هي تضع لها بضعة أوراق نقدية داخل يدها 
حصل خير ياأم فارس متنسوش لما تخلصوا تقفلوا وراكم و ابقي اتصلي عليا فكريني
بمعادكم أنا دماغي مشغولة أوي الفترة دي !!!
عقدت أم فارس
حاجبيها و حاولت رفض المال تنظر بحرج إلى آسر الغاضب وتردد بتوتر وعينيها تجوب هيئته التي تصرخ بالثراء و الرقي 
لأ أنا وصلني الشهرية من الحاج نجيب قولي حاجة للبيه ياست سديم أنا مقدرش على زعلكم !!!
هزت سديم رأسها بالإيجاب و تحركت بجانبه تغادر المنزل بصمت غامزة لها بطرف عينها !!! و هبطت الدرج سريعا خلفه تحاول كتم ضحكاتها حين استعادت المشهد مرة أخرى بعقلها لتشهق بفزع حين ارتطمت بظهره فور توقفه فجأة و قد جذبها إلى الأمام وهو يقول من بين أسنانه ساخطا على ما مر به 
أنا عايز افهم بقااا الست دي معاها مفتاح شقتكم بتاع إيه أصلا !!!
حاولت كثيرا عدم الضحك لكن مع غضبه و تكرار المشهد بعقلها اڼفجرت ضاحكة بقوة تميل فوق صدره وتردف من بين ضحكاتها بأسف لا يليق بتصرفها الآن 
آسفة بس مش قادرة !!!!!! كل ماافتكر منظركم أموت من الضحك !!!!!
وقف يتابعها پغضب متذبذب حيث كان يشتعل مما فعلته تلك المرأة لكن داخله مبتهج لتلك الضحكات و الحالة المبهجة التي تشاركه إياها لأول مرة متعجبا من لحظاته الخاصة معها و الخالية من الرومانسية الشفهية معډومة الأثر لكنها مليئة بعنفوان المشاعر مختلطة التي يختبرها معها في كل لحظة تمر عليهما سويا لم يمنع بسمته من الظهور لكنه نظر بعيدا عنها محاولا تقمص دور الغاضب إلى النهاية
خلاص بقا يا آسر أنا قولتلك مش باجي هنا كتير و طبيعي أديها المفتاح عشان كل فترة تيجي تروق الشقة كدا ماهو مش
هسيبها مهجورة يعني و بعدين أنت اللي زعلان مش أنا ! دي العمارة شافتك وأنت ملط !!!!
تعمدت تقليد كلمة أم فارس و إعادتها على مسامعه قبل أن تتفجر ضاحكة بقوة مرة أخرى ليضحك معها تلك المرة و يرفع ذراعه يحيط جسدها و يضمها إليه متجها معها إلى الخارج و هو يقول بغيظ 
مستفزة ! داهية في حلاوتك دي !!
توقفت معه أمام السيارة بعد أن هدأت قليلا ثم أردفت بإعتذار صادق 
بس بجد متزعلش أنا عارفة إنك أول مرة تتعرض لموقف زي دا بس أنا بجد نسيت خالص قصة المفتاح دي !!!
فرك ذقنه و قال هو يقترب منها بجانب باب السيارة 
بقا دي حاجة تتنسي تخيلي كدا لو كانت جت بدري شوية كانت هتدخل علينا و إحنا .. آآ !!
قطع كلماته كاظما غيظه بينما هي اڼفجرت ضاحكة من جديد و كأنها ترى مشهد كوميدي ضاحك يتكرر دون توقف ليهمس لها مستعيدا إياها داخل أحضانه وهو يقول ضاحكا على حالتها و لكن لازال سخطه من الموقف يتراقص بنبرته 
كفاية يااا سديم لو كنت أعرف إن الموقف دا هيضحكك كدا كنت عملته من زمان !!!
قاطع كلماتها صوت أحدهم وهو يربت فوق كتف آسر قائلا وهو بتلفت حوله 
معلش ياكابتن متعرفش فين عمارة رقم 9 !!
عقدت سديم حاجبيها حين وجدت هذا الشاب يسأل عن رقم العمارة التي تقطن بها لكن أشار آسر برأسه إلى و أردف متأملا هيئته بنظرات خاطفة 
آه ياباشا هي العمارة دي !!
عقد الشاب حاجبيه وكاد يتحرك لكنه تراجع قائلا بتردد 
طيب معلش في حد هنا اسمه المغازي تقريبا ! ولا متعرفش 
رفعت سديم حاجبها و تبادلت النظرات مع آسر ثم أردفت بدهشة واستنكار حين طال الصمت فور أن ذكر اسم عائلة والدها !!! 
هو أنت جاي لحد اسمه المغازي 
هز الشاب رأسه وانفرجت أساريره فجأة يردف بحماس حين وجدها تسأل عن الاسم إذا هو على صواب
ايوااا بالله عليك قوليلي أنه صح هو
 

تم نسخ الرابط