سقر عشقي (چحيم الفراق) بقلم سارة مجدي

موقع أيام نيوز

أمها .... أن يقدره أن يكمل مسيرة قدر ... يبكى و يدعوا ... و يعد الله أن يتغير ... أن لا يعود إلى ما كان عليه مره أخرى ... أن يكون لأبنته الأب الحامى و الحاني ... الأمان و الحماية
حين أنتهى من صلاته جلس سريعا على السرير و فتح المذكرات و بدء فى قرائتها
و الله كان ڠصب عنى كان ڠصب عنى ... كان لازم أبقى مميز عند جدى ... كان لازم يكون شايفنى الراجل إللى هو عايزه ... أنا آسف يا قدر أنا آسف
أخذ نفس عميق عله يهدء من شهقات بكائه ثم عاد يكمل باقى مذكراتها
حين كانت تراه يشترى ملابس جديده و حين تطلب شىء يرفض جدها بشكل قاطع و يحضر لها ملابس قديمة من خزانة جدتها و يلقيها لها أرضا و هو يأمرها بأن ترتدى هذه الملابس و لا تطلب شىء آخر
أغمض عينيه پألم ثم فتحهم و عاد ليقرأ كلماتها و أحساسها حين سافر ليكمل تعليمه و و حين توفى جده و يوم غادر
كل الألم النفسى التى شعرت به طوال حياتها و كل الخۏف و القلق ... كل الكره الذى كان يسكن قلبها تجاهه
و تجاه جدها ... و حزنها من أبوها الذى تركها و هرب ... أحساسها بالأمان جوار زوج عمتها و حنانه و تشبيهها له أنه مثال للرجل الحقيقى التى تحلم به كل فتاة أن يكون حبيبها أو أخيها أو والدها ... هو المثال و القدوه الذى يجب أن يتبعها و يقتدى به كل الرجال
رفع عينيه عن المذكرات و نظر إلى أبنته و هو يعدها بصمت أن يكون الأب التى تفتخر به طوال حياتها و يكون لها الصديق و الصدر الحاني و الداعم لها بكل خطوات حياتها
أخذ نفس عميق و عاد من جديد يقرأ كلماتها
طريق كفاحها و كيف أستطاعت تغير العقول المتحجره الصدئه و كيف
حاربت طواحين الهواء حتى أستطاعت إثبات قدراتها و نيتها الطبيه فى جعل كل النساء يستطيعون أخذ حقهم من تلك الحياة الظالمه 
أغلق المذكرات و هو ينتبه لصوت الصغيرة التى أستيقظت من نومها و تريد طعامها
أقترب منها يحملها بين يديه بحنان و قبل جبينها و هو يقول
جعانة يا صغيرة ... حاضر يا حبيبه بابا أنت بس تآمري
أحضر الببرونه الخاصه بها و بدء فى إطعامها الحليب برفق
فى صباح اليوم التالى كانت سناء رغم أنشغالها بجميع النساء الموجوده فى المنزل لتقديم واجب العزاء إلا أن عقلها بأكمله مشغول بالصغيرة ... الذى يرفض والدها تركها و لو لحظة واحده لدرجة أنه الأن يجلس فى سردج العزاء
هى بين ذراعيه
كان رمزي ينظر إلى أصلان و بداخله يفكر سبحان الله يهدى من يشاء و يضل من يشاء ... يعز من يشاء و يذل من يشاء
هذا أصلان الذى لم يهتم لأحد يوما ... الذى أنهى أيام العزاء حين ۏفاة جده و غادر دون أن ينظر خلفه
الأن هو حزين ... عينيه تمتلىء بالدموع ... يحتضن أبنته دون أن يهتم لكلمات الناس و نظراتهم المندهشة
يداعبها بيديه و يرسل أحد العمال ليحضر لها وجبتها من الحليب فى موعدها
حين أنتهى العزاء و عادوا الرجال إلى المنزل وقفت سناء أمام أصلان و قالت
هات البنت علشان تعرف تنام ... 
متقلقيش يا عمتي ... أنا مخلى بالى منها ... و بعدين أنت حامل دلوقتى و المجهود غلط عليكى ... عايزين أخ أو أخت قدر تلعب معاهم
و تحرك ليصعد إلى غرفته و هو يقول
تصبحوا على خير
مش هتتعشى يا أصلان
قالها رمزي مستفهما لينظر إليه أصلان و قال بابتسامة صغيرة
مش جعان يا عمى ... تصبحوا على خير
و صعد إلى غرفته ... و مثل الليلة الماضية وضع الصغيرة فى منتصف السرير و دلف إلى الحمام ثم وقف بين يدى الله يصلى و يستغفر و يعلن توبته و ندمه ثم يقرأ مذكرات قدر و بضع آيات من الذكر الحكيم ثم يأخذ الصغيرة بين ذراعيه و ينام
مرت عدة أيام لم يختلف حاله عن الأيام الأولى حتى ذلك اليوم الذى وقف فيه أمام رمزي و قال
عمي أنا عايز أكمل معاك كل إللى قدر بدأته
كان رمزي ينظر إليه بشك و تفحص ليقول أصلان موضحا
عارف إنك مش مصدق كل التغيير إللى حصل ... لكن إنك لا تهدى من أحببت و الله يهدى من يشاء
أبتسم رمزي إبتسامة صغيرة ليكمل أصلان كلماته
أنا مش هكون مكان قدر ربنا يرحمها ... أعتبرني مساعد ليك ... متطوع ... خدامك و تحت أمرك
ليقطب رمزي حاجبيه بضيق ليكمل أصلان قائلا بتوسل
أنا عايز أكمل إللى هى كانت بتحلم بيه يمكن ده يكفر ولو جزء بسيط من إللى عملته فيها ... عايز حلمها يكتمل ... و إسمها كل الناس تعرفه ... عايز بنتى لما تكبر الدنيا كلها تشاور عليها و تقول بنت قدر أهى ... دى بنت قدر
أقترب خطوة من رمزى و أمسك بيده بتوسل
أرجوك يا عمي ... أنا هبقي من إيدك دى لأيدك دى ... هكون موجود بس علشان أنفذ إللى تأمرنى بيه
ربت رمزى على كتف أصلان و قال بهدوئه المعهود
يا ابنى أنا فخور بيك و إنك رجعت لربنا و لعقلك ... يمكن أتأخرت لكن إنك تتوب و ترجع للصح حتى لو متأخر أحسن من أنك تفضل فى ضلالك
أخذ نفس عميق و أخرجه بهدوء أكمل قائلا
ده مالك و مال بنتك ... و أنت أولى الناس إنك تديره هفهمك كل حاجة ماشية إزاى و أنت أكيد قد المسؤلية
و بالفعل من اليوم التالى ترك أصلان قدر عند سناء رغم أن قلبه يرتعش خوفا عليها ... و يشعر أن قلبه و عقله لا يفكرون سوا بها ... إلا أنه كان يسير خلف رمزي كتلميذ نجيب
يريد أن يتعلم كل شىء و إن يحصل على رضا المعلم فى النهاية
كان جميع أهل البلده يشاهدون حالته جسده الهزيل و ذقنه النامية ... إلتزامه بأداء الفروض فى المسجد ... الإبتعاد عن أى مظهر من مظاهر التفاخر و الرياء ... معاملته مع جميع الناس بتواضع و بساطه ... و أيضا أهتمامه بأبنته ... و أحترامه الواضح لزوج عمته و عمته أيضا
متابعته لبناء المدارس و تقديم المساعدة لكل فقير محتاج و تكفل بأكثر من فتاة حتى تستطيع دخول المدرسة
بعد مرور أربع سنوات ... كان يسير جوار أبنته التى ترتدى الزي المدرسى ... و يحمل هو عنها حقيبتها لتقول الصغيرة
أنا هروح مدسة ماما
ليبتسم بسعادة و هو يقول مؤكدا للمره الذى لا يذكر عددها
أيوة يا قدر ... المدرسة بأسم ماما و هى إللى كانت السبب

فى بناها
لتصفق الصغيرة كما كل مره يخبرها بنفس الجملة و تقول من جديد
و كمان على أسمى
ليضحك بصوت عالى و هو يقول
أيوه على أسمك ... لأن أسمك زى أسم ماما
وقفت الصغيرة و وضعت يدها حول خصرها و قالت
فين المصوف يا سي بابا
لينحنى أمامها و مد يديه لها بورقه ماليه
و قال بأحترام
هو أنا أقدر أنسى مصروف الآنسه قدر
أخذت المال من يديه و سارت جواره بهدوء حتى وصلت إلى ذلك البيت الصغير الذى يسبق المدرسة بعدة أمتار فقط و اقتربت من الباب و وضعت المال من أسفله كما شاهدت والدها يفعل أكثر من مره
كان يتابع حركتها و ما قامت به بزهول و عدم تصديق حين رفعت عيونها إليه أبتسمت و قالت
سوفتك بتعمل تده
لينحنى و يحملها و قبل أعلى رأسها و وجنتيها و هو يقول
أنت أشطر بنوته فى الدنيا و ربنا بيحبك اوووى و ماما فرحانه بيكى أوى
أبتسمت الصغيرة ببرائه و بدأت فى مداعبة شعيرات ذقنه حتى وصلوا إلى المدرسة ودعها بعدة قبلات و أعاد عليها نصائحه بأن تنتظره داخل المدرسة و أن لا تغادر بمفردها أو بصحبة أي شخص مهما كان سواه هو فقط أومئت بنعم و أشارت له بالسلام و دخلت إلى المدرسة
وجد قدميه تأخذانه إلى قپرها ... وقف هناك يقرأ الفاتحه ثم بدء يقص عليها كل ما حدث ... و كيف تم فتح مصنع نسيج صغير يحمل أسمها ... و كيف أصبح لهم محل كبير للملابس الجاهزة من عمل المصنع و المشاغل ... و أن تم إفتتاح المدرسة الإعدادية و العمل على قدم وساق فى المدرسة الثانوية
أيضا طمئنها على أبنتها ... و أنه مازال على العهد الذى عاهده لها يوم ۏفاتها حين رأها فى الحلم و حلف لها أنه لن يتراجع عن طريقها و لن يعود إلى ضلاله القديم
توجه إلى المصنع مباشرة ليجد يحيى إبن عمته يقف بجوار والده الذى يتابع كل شىء بنفسه داخل المصنع أقترب منه و حمله و هو يقول
إزيك يا بطل أخبار الشغل أيه
وحس أوى يا أثلان
رفع أصلان حاجبيه باندهاش مصطنع و قال
وحش أوى ليه يا باشمهندس يحيى ... و أنت سكت لما لقيت الشغل وحش
ضحك رمزي على ذلك الحوار الطفولي الذى يدور خلفه و عادت ضحكته حين قال ولده
الأوان وحسه و المتنه باثت
يا خبر كل ده لا الأمر ده ما يتسكتش عليه
إجابه أصلان بجديه و لم يتمكن رمزي من تمالك نفسه ليكمل أصلان باستفهام
طيب و أنت رأيك أيه يا هندسه
معلفش ... بس وضع مش أطمن أثلان
و الله أنت سكر كده و أنا بحبك اوووى
نظر إليه رمزى و قال بمرح
مناقشة قوية و هادفة الصراحة
ليحاول أصلان كتم ضحكاته في نفس اللحظة الذى قال يحيى بهدوء
أنا أكبر أتوز أدر
ليرفع أصلان عيونه مباشرة إلى عيون رمزي الذى أبتسم بوقار وقال
المهم هى توافق عليك يا ابنى
فهم أصلان ما وراء كلمات رمزي لكنه أبتسم إبتسامة صغيرة و قال
أكسب قلبها يا يحيى بالحب و الأهتمام و الخۏف عليها ... أكسب أحترامها بتقديرك ليها و تفهمك وأستيعابك لمشاعرها ... و أحترم
عقلها ساعتها هتكسب قلبها و ساعتها هتوافق عليك
كان الصغير ينظر إليه بعدم فهم ليبتسم إبتسامة واسعة و قبل جنته و أعاده يقف جوار والده الذى ينظر إلى أصلان بإحترام
لقد تعلم أصلان الدرس .... فهم و أستوعب و آمن ... و لن يعود لضلاله القديم
فى إحدى الليالي و بعد أن غطت قدر فى نوم عميق ... أخذ أصلان مذكرات قدر الذى حفظها عن ظهر قلب ... فهو يقرأها يوميا منذ ۏفاتها و حتى تلك اللحظة
حفظ كلماتها ... و شعر بها .. متى كانت تضحك و متى كانت تبكى ... و متى أرتعشت يديها بحزن
نظر إلى أبنته التى تتوسط سريره وأخذ نفس عميق و أمسك القلم و عند
تم نسخ الرابط