لم يبقى لنا إلا الوداع بقلم منى احمد حافظ

موقع أيام نيوز


الصلاة والسلام أهو
أنا من اليوم دا وبالتحديد من اللحظة اللي دعيت فيها ربنا أنه يرفع عن عيني الغشاوة وأنا بدأت أفوق لنفسي وأشوف أمجد بصورة تانية غير اللي كنت بشوفه فيها خصوصا لما بقى قاعد معايا ليل نهار وقال إنه عايز يراعيني بنفسه مش عارفة ليه بقيت بحس بنفور ناحيته ومكنتش بحس بالراحة لما يقرب مني ولما قال إنه مسافر وقتها حسيت بالراحة وحمدت ربنا أنه بعده عني علشان كده أنا عايزة أطلق منه وأعيش لنفسي ولابني ولو ربنا كتب لي أني يكون لي نصيب مع حد تاني أكيد هفكر كويس وهختار حد ميلغيش شخصيتي ولا يهمشني

ولا يخدر مشاعري بشوية كلام على الفاضي 
جاءت إجابة ضياء على طلبها مختلفة عما توقعته ليان فهي تعلم مبلغ حب والدها له ولكنه بدد 
بينما باءت حياة أمجد من سيئ إلى الأسوأ خاصة بعدما تفنن ضياء بإذلاله وأفسد حياته وبدلها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فبات بلا عمل وبلا مستقبل وأضحى ظلا لا كيان له كما أجبره على الرحيل قبل ولادة ليان مدعيا سفره إلى الخارج ليفاجأه بتوفيره له فرصة عمل لا يرقى إليه أبدا بإحدى القرى النائية نظير انفصاله الصامت عن ابنته وعدم الزج به إلى السچن  
وكعادته مؤخرا توارى مراقبا إياها بعدما فاق اشتياقه إليها كل حد وتابعها ببصره وهي تسير نحو مقر الشركة وتمنى لو كان يملك من الشجاعة ما يجعله يواجهها ويطلب منها الصفح بعدما أدرك حجم خسارته التي لم يستطع تخطيها لمحته فأوقفت خطواتها ونظرت نحوه للحظات ثم أشاحت بعينها عنه وتابعت سيرها ولكنه حسم أمره واعترض طريقها وكما توقعت فعل وقف أمامها يرجوها باستعطاف فتطلعت إليه بحيرة وكأنها تراه للمرة الأولى فجأة تساءلت أين ذهب شغفها به ولهفة قلبها ونبضاته المتسارعة لرؤيتها إياه وأين تلك الغصة التي علقت بمنتصف حلقها تذيقها المرار منذ افترقت عنه ضيقت منار ما بين حاجبيها وحاولت إيجاد تفسير لما تشعر به من فتور نحوه فأتتها الإجابة واضحة كضوء الشمس تنير بصيرتها وإدراكها وجعلتها ترى بوضوح أنها سجنت نفسها طوال العام المنصرف بين جدران محبتها له ومحاولتها إيجاد الخطأ والعيب بشخصها الذي دفعه للتخلي عنها لټلعن سذاجتها فهي لم تخطأ وقلبها لم يجرم بل أحبت وأخلصت وهو غدر وخان وإن كان على أحد منهما أن يشعر بالذنب فهو من عليه الشعور بخزي الذنب وليس هي 
ومن نافذة مكتبه رآه يظهر من العدم أمامها فانتفضت الغيرة بداخله ودفعته دفعا إلى الخارج بعدما اشټعل قلبه خوفا من عودته بينما حاول أمجد إيجاد كلماته التي رتبها أياما ليخبرها بافتقاده لها ولكنه فشل وتاه بظلمات نفسه لتزيده منار بأسا بإحباطها محاولته وهي تخبره بهدوء ووجه مبتسم 
شكرا بجد أنا مش عارفة أشكرك أزاي على جميلك بظهورك دلوقتي في اللحظة دي بالذات 
لوهلة ارتجف قلبه وظنها تمنحه فرصة الغفران ولكنها بددت ظنه بإضافتها
عارف أنا لو مكنتش شوفتك دلوقتي كنت هفضل ظالمة نفسي وأنا بدور على الغلط اللي عملته وخلاك تروح لوحدة تانية ياه يا أمجد أنت متعرفش أني بمجرد ما شوفت فهمت أني معملتش إلا حاجة واحدة بس غلط وهي أني حبيتك أيوه تخيل أنك الغلطة
الوحيدة اللي غلطتها والحمد لله أنك صلحت غلطتي لما بعدت عني عارف أنا أول ما هطلع المكتب هتوضى وهصلي ركعتين شكر لله أنه خلاني أفوق قبل ما حياتي تضيع مني على الفاضي 
بهتت ملامحه وفغر فمه من صډمته لكلماتها فهو لم يتخيل قط أن تتبدل منار وتصبح بتلك الصورة الرائعة التي يراها عليها فازداد ندمه لخسارته لها وأردف
أنا عارف أني أذيتك كتير يا منار وعارف أن ماليش الحق أقف قصادك دلوقتي خصوصا بعد موقفي الأخير من عمي شهدي بس والله الفترة اللي فاتت دي خلتني أعرف قيمتك وأعرف أنك النعمة اللي كان لازم أحافظ عليها
علشان كده جيت لك ومش مكسوف أني أقف قصادك وأنا ندمان وأعترف لك بغلطي وأطلب منك فرصة أخيرة أصلح فيها كل أخطائي بحقك وحق عمي شهدي و 
زادته ابتسامتها التي نبتت فجأة فوق شفتيها حيرة فأوقف حديثه وتطلع إليها بدهشة لټضربه منار بقولها
أمجد أنا أسفة بس أنت حقيقي صعبان عليا ومن واجبي أني أوضح لك حاجة غابت عن تفكيرك وأنت جاي على هنا إن اللي واقفة قصادك دي مش هي منار اللي كنت بتهددها أنك هتسيبها فتخاف وټعيط وتوطي تبوس إيدك علشان تفضل معاها لا يا أمجد اللي واقفة قصادك واحدة تانية واحدة فهمت إن الحياة مش مهم تلاقي فيها الحب على قد ما هو مهم جدا تلاقي فيها الاحترام والتقدير والأمان وحقيقي أنا بحمد ربنا أنه شال الغشاوة من على عيني وبطلت أحبك ولو على أحترامي ليك فهو معدش موجود من بعد ما هدمت كل حاجة حلوة ليك جوايا ومسبتش فقلبي غير القهرة والحسړة علشان كده من واجبي أقولك فوق لنفسك احنا ما فيش حاجة باقية بينا غير الوادع 
القت قولها وتجاوزته فالټفت وتابعها بعيون منكسرة تسكنها الدموع وراقب اقترابها من سامر بغيرة تنهشه وأدرك من نظراته إليها مدى عشقه لها فنكس رأسه وخطى بالطريق المعاكس يجر أذيال خيبته بينما تهادت منار بخطواتها نحو سامر فرأت بعينه السنة لهيب الغيرة تتقافز منها فابتسمت بحرج وسالته بهدوء
واقف كده ليه يا بشمهندس زي ما يكون في حاجة ضايعة منك وبتدور عليها
ظنها تسخر منه فرمقها بضيق وهم بإجابتها ولكنها منعته بإضافتها
على فكرة أنا خلصت تصميم الديكور الداخلي والروف اللي حضرتك طلبتهم مني 
زفر وأشاح بوجهه وخطى بعيدا عنها بضع خطوات ولكنه عاد وتوقف والټفت إليها وأردف بغيرة واضحة
أمجد كان عايز إيه منك يا منار
للمرة الأولى منذ أشهر طويلة تشعر بالسعادة تداعب قلبها لاهتمامه الواضح بها وغيرته الهادئة ولكنها تداركت سعادتها وأجابته بسؤال آخر
وحضرتك بتسال ليه
ازداد وجومه وأحسها تتهرب منه فأردف بحزن
هو أنت بجد مش عارفة أنا بسالك ليه 
زفر بقوة حين ازدردت لعابها وأضاف
واضح أني كنت بخدع نفسي طول الفترة اللي فاتت وفاكر أنك لما تعرفيني كويس وتتعرفي عليا وتفهميني هتقدري تفرقي بيني وبينه وهتشوفيني بالطريقة اللي نفسي تشوفيني بيها وتحسي بمشاعري ليك و 
قاطعته بجدية بعدما أدرك عقلها أنها بطريقها لخسارته
على مهلك يا بشمهندس واسمعني كويس بالنسبة لإجابة سؤالك فأنا كنت بشكر أمجد علشان أنا لو مكنتش شوفته كنت هفضل فاكرة أني لسه مچروحة وموجوعه منه وفهمته إن معدش له أي وجود فحياتي وإني معدتش متاحة له ولو لا حتى فالأحلام أما بخصوص كلامك الأخير فأسمح لي أقولك أني وعدت بابا بعد ما انفصلت عن أمجد أني مستحيل أكرر غلطي وأخون ثقته بيا مهما كان فلو في أي حاجة عايز تتكلم فيها معايا فأنت ممكن تتصل ببابا وتطلب منه ميعاد وتيجي البيت عندنا تقول كل اللي أنت عايزه بوجوده وأهو بالمرة تشرب القهوة اللي كنت عايز تشربها من زمان تمام يا بشمهندس 
تجاوزته منار وولجت إلى مقر شركته وتابعها بعينه وهو يشعر بالحيرة لإجابتها ولثوان أحس سامر بالتشتت ليعي فجأة معنى إجابتها فقفز بسعادة وأسرع بخطواته خلفها ليدركها قبل أن تلج مكتبها فالتفتت نحوه وعقدت ساعديها أمامها ورفعت حاجبها فابتسم ببلاهة قائلا
هو بجد اللي أنا فهمته من كلامك يا منار
ابتسمت بحرج وهزت رأسها بيأس وأردفت
عيب على ذكائك يا بشمهندس لما تسال سؤال ممكن يخليني أغير رأيي فيك 
أشار بيده بالنفي وأردف بلهفة
لا فعرضك متغيريش رأيك أنا ما صدقت عموما أنا هروح أتصل بعمي شهدي علشان أزوره وأتكلم فحضوره وأقول قصاده كل اللي فقلبي وأوضح له حقيقة مشاعري ناحية بنته اللي غلبتني معاها وأطلب منه أني أقولها بحب 
صړخت بحرج وهربت من أمامه فتلفت سامر حوله بحرج ليدرك أن موظفيه شهدوا اعترافه فابتسم قائلا
أدعو لي بقى علشان لو اتجوزتها بسرعة هصرف مكافأة شهر بحاله 
ضجت أروقة الشركة بالدعاء بينما جلست منار بقلب يخفق طربا
تقص على والدها ما حدث معها ليصارحه بقوله
يا بنتي سامر طالب إيدك مني له أكتر من سنة ومستني موافقتك عموما متتأخريش علشان تجهزي نفسك يا عروسة 
وفي مساء اليوم نفسه وبعد سماعهم أذان صلاة المغرب خشعت الأصوات بتلاوة الفاتحة بأكف مضمومة وقلوب متضرعة تبتهل إلى الله بدعائها وعيون دامعة لا تصدق أن جراح القلب طابت واندملت وذهبت ندوبه دون أثر وتسللت النظرات لتتلاقى الأعين بحياء تتهامس بالحب فاقشعر بدنها وابتسمت على استحياء وخفضت بصرها وبداخلها يقين بأنها عثرت على متممها أخيرا 
كلمة أخيرة 
اتق الله فلن يكون بينك وبينه حجاب يوم التلاقي 
وستكون وحدك بين يده مغطى بالمعاصي 
فبما ستجيب وأنا شكوتك إليه بقلب باك
يوم انتهكت نفسي بسفور واستبحت بمجون مشاعري 
وتلاعبت بالحب كشيطان هوى لتنال مني 
واستطاب قلبك المي ودمع عيني
لذا استجرت بالذي بيده أمرك وأمري
بيقين أن غدا سأسترد منك حقي
تمت
منى أحمد حافظ

 

تم نسخ الرابط